ملخص كتاب رجال ريا وسكينة لـ صلاح عيسي

Gamila Gaber28 مايو 2025آخر تحديث :
كتاب رجال ريا وسكينة
كتاب رجال ريا وسكينة

يُعد كتاب رجال ريا وسكينة سيرة سياسية واجتماعية للكاتب والمؤرخ المصري البارز صلاح عيسى، عملاً استقصائياً وتحليلياً فريداً من نوعه. لا يكتفي الكتاب بسرد وقائع الجرائم المروعة التي هزت الإسكندرية ومصر بأكملها في مطلع القرن العشرين، بل يغوص عميقاً في السياق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي شكّل الحاضنة لهذه الظاهرة الإجرامية. صدر الكتاب في طبعته الأولى عام 1992، ليقدم قراءة مغايرة وجديدة لواحدة من أشهر القضايا في تاريخ الجريمة المصرية، متجاوزاً الصورة النمطية التي رسختها الأعمال الدرامية والسينمائية عن ريا وسكينة.

مقدمة شاملة عن كتاب رجال ريا وسكينة

مؤلف كتاب رجال ريا وسكينة صلاح عيسى، المعروف بمنهجه البحثي الدقيق وقلمه التحليلي العميق، لم يتعامل مع قضية ريا وسكينة باعتبارها مجرد سلسلة من جرائم القتل البشعة، بل اتخذها نافذة يطل منها على المجتمع المصري في حقبة مفصلية من تاريخه، فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، وفي خضم الاحتلال البريطاني وثورة 1919. يهدف الكتاب إلى تفكيك الأسطورة المحيطة بالشقيقتين، وكشف النقاب عن “رجال” القضية – سواء كانوا أزواجاً، شركاء في الجريمة، محققين، أو حتى ضحايا صامتين للمجتمع – ودور كل منهم في صناعة هذه المأساة.

يحتل كتاب رجال ريا وسكينة مكانة هامة في مجال الدراسات الاجتماعية والتاريخية للجريمة في مصر، فهو لا يُصنف كعمل أدبي روائي بقدر ما هو تحقيق تاريخي واجتماعي موثق، يعتمد على سجلات المحاكم، محاضر التحقيقات، وتقارير الصحف المعاصرة، ليقدم صورة بانورامية لمصر في تلك الفترة المضطربة.

الفكرة العامة للنص: الجريمة كمرآة للمجتمع

الموضوع الرئيسي الذي يتناوله صلاح عيسى ليس مجرد تعداد جرائم ريا وسكينة، بل هو تحليل عميق للظروف التي أدت إلى ظهور مثل هذه الجرائم. يرى كتاب رجال ريا وسكينة أن الجريمة ليست فعلاً معزولاً، بل هي نتاج تفاعلات معقدة داخل بنية المجتمع. الفقر المدقع، الهجرة من الريف إلى المدن بحثاً عن فرص عمل واهية، التهميش الاجتماعي، تفكك الروابط الأسرية، غياب الدولة أو ضعف قبضتها الأمنية في بعض الأحياء، كلها عوامل ساهمت في خلق بيئة مواتية للانحراف والجريمة.

الرسالة العامة التي يحملها النص هي أن ريا وسكينة وعصابتهما لم يكونوا مجرد وحوش بشرية متعطشة للدماء كما صورتهم بعض الأعمال الفنية، بل كانوا نتاجاً طبيعياً لمجتمع يعاني من اختلالات عميقة. يلقي الكتاب الضوء على أن فهم الجريمة يتطلب فهم السياق الأوسع الذي وقعت فيه، وأن إدانة المجرمين يجب ألا تحجب عنا رؤية العوامل المجتمعية التي دفعتهم إلى هذا المسار.

سياق الكتابة وأسلوب السرد: تحقيق دقيق ولغة آسرة

اعتمد صلاح عيسى في كتاب رجال ريا وسكينة على أسلوب يجمع بين التحقيق الصحفي والبحث التاريخي الأكاديمي واللغة الأدبية الرشيقة. يتجلى ذلك في:

  1. التوثيق الدقيق: يستند كتاب رجال ريا وسكينة بشكل أساسي إلى وثائق رسمية مثل محاضر تحقيقات النيابة، اعترافات المتهمين، تقارير الطب الشرعي، وأرشيف الصحف المصرية الصادرة في تلك الفترة. هذا المنهج يضفي على الكتاب مصداقية علمية عالية.

  2. السرد القصصي: رغم طبيعته التوثيقية، لا يخلو كتاب رجال ريا وسكينة من عنصر التشويق. ينجح عيسى في تقديم الوقائع بطريقة سردية تجذب القارئ، مستخدماً لغة وصفية حية تنقل أجواء الإسكندرية في تلك الحقبة، وتفاصيل حياة الشخصيات.

  3. التحليل الاجتماعي والسياسي: لا يكتفي كتاب رجال ريا وسكينة بسرد الأحداث، بل يقوم بتحليلها وربطها بالسياق الأوسع. يشرح كيف أثرت الظروف الاقتصادية الصعبة، والاضطرابات السياسية المصاحبة لثورة 1919، وضعف جهاز الشرطة، في تفشي الجريمة.

  4. الحوارات (المستنبطة أو الموثقة): يعيد كتاب رجال ريا وسكينة بناء بعض الحوارات بناءً على محاضر التحقيق، مما يضفي على النص حيوية ويقرب القارئ من الشخصيات.

  5. تفكيك الأسطورة: يتعمد الكاتب مواجهة الروايات الشعبية والدرامية السائدة حول ريا وسكينة، ويقوم بتفنيدها أو تصحيحها بناءً على الوثائق، مما يجعل القراءة تجربة كاشفة.

تأثير هذا الأسلوب على القارئ متعدد الأوجه؛ فهو يجعله شريكاً في عملية البحث والتقصي، ويستفزه للتفكير في الأسباب العميقة للجريمة بدلاً من الاكتفاء بالإدانة السطحية. كما أن اللغة الأدبية تجعل قراءة عمل بحثي جاد تجربة ممتعة وغير مملة.

الشخصيات الرئيسية: ضحايا وجناة في آن واحد

يقدم كتاب رجال ريا وسكينة تحليلاً عميقاً للشخصيات الرئيسية، ليس فقط ريا وسكينة، بل “رجالهما” أيضاً:

  1. ريا علي همام: الأخت الكبرى، تبدو أكثر صلابة وقدرة على التخطيط، ويصورها كتاب رجال ريا وسكينة كامرأة قوية دفعتها ظروف الحياة القاسية إلى سلوك مسارات ملتوية. دوافعها تتراوح بين الحاجة الملحة للمال، والرغبة في السيطرة، وربما نوع من القسوة المتأصلة التي صقلتها التجارب المريرة. تطور شخصيتها يظهر كيف تحولت من مهاجرة فقيرة إلى مدبرة لشبكة إجرامية.

  2. سكينة علي همام: الأخت الصغرى، تبدو أكثر اندفاعاً وأقل حنكة من ريا. ربما كانت أكثر تأثراً بظروفها العاطفية وعلاقاتها المتعددة، دوافعها مشابهة لريا، لكنها قد تكون مدفوعة بشكل أكبر بالرغبات الآنية. الكتاب يوضح كيف كانت العلاقة بين الأختين معقدة، تتأرجح بين التحالف والاعتماد المتبادل.

  3. حسب الله سعيد مرعي (زوج ريا): يُقدم كشخصية ضعيفة، منقادة، وجد في ريا القوة التي يفتقدها. دوره في الجرائم كان محورياً، لكن دوافعه تبدو مرتبطة بالخوف من ريا والحاجة للمال.

  4. محمد عبد العال (زوج سكينة): شخصية أكثر تعقيداً، ربما كان له طموحاته الخاص علاقته بسكينة كانت مضطربة، ودوره في الجرائم يكتنفه بعض الغموض في البداية، لكنه يتضح تدريجياً.

  5. عرابي حسان وعبد الرازق يوسف: من أبرز رجال العصابة، يمثلان الذراع المنفذة للجرائم دوافعهما تبدو أكثر وضوحاً: الجشع، والقسوة، والانسياق وراء شهواتهم.

  6. إبراهيم حمدي (مساعد حكمدار بوليس الإسكندرية): يمثل الجانب الآخر من القصة، رجل القانون الذي قاد التحقيقات لكشف غموض اختفاء النساء. يبرز الكتاب جهوده، والصعوبات التي واجهها، ودوره في تفكيك العصابة.

العلاقة بين هذه الشخصيات هي محرك أساسي للأحداث. التحالفات، الخيانات، الاعتماد المتبادل، والخوف، كلها عناصر شكلت ديناميكية العصابة وساهمت في سقوطها في النهاية، كتاب رجال ريا وسكينة ينجح في تقديمهم ليس كأشرار مطلقين، بل كبشر (وإن كانوا منحرفين) لهم دوافعهم وتعقيداتهم التي شكلتها ظروفهم القاسية.

الأحداث المؤثرة والمشاهد الدرامية: من الإغواء إلى المقبرة

يزخر كتاب رجال ريا وسكينة بالعديد من الأحداث المؤثرة والمشاهد التي تحبس الأنفاس، والتي يسردها الكاتب بتفصيل مستنداً إلى الوثائق:

  1. بدايات العصابة: وصف دقيق لكيفية انتقال ريا وسكينة إلى الإسكندرية، وتأسيسهما لبيوت الدعارة والمقاهي المشبوهة التي كانت بمثابة مصائد للضحايا.

  2. استدراج الضحايا: مشاهد مؤثرة لكيفية استدراج النساء الثريات (غالباً من بائعات الحلي أو اللاتي يملكن بعض المدخرات) إلى بيوت العصابة تحت ذرائع مختلفة (شراء بضاعة، السمر، الشراب).

  3. عمليات القتل والدفن: التفاصيل المروعة لعمليات القتل خنقاً، وسرقة الضحايا، ثم دفن الجثث تحت بلاط الغرف في بيوت متعددة استأجرتها العصابة، يصف كتاب رجال ريا وسكينة هذه المشاهد ببرود وثائقي يعكس بشاعة الواقع.

  4. الاكتشافات الأولى: بداية الشكوك والتحريات، واكتشاف أولى الجثث الذي كان بمثابة طرف الخيط لكشف أكبر عصابة نسائية في تاريخ مصر الحديث. مشهد اكتشاف الجثث المتعددة في حارة النجاة أو بيت ماكوريس يظل من أقوى المشاهد.

  5. التحقيقات والاعترافات: يصف كتاب رجال ريا وسكينة بالتفصيل سير التحقيقات، الضغوط التي مورست على الشهود والمتهمين، وكيف بدأت الاعترافات تتوالى، كاشفة عن شبكة الجرائم الممتدة.

  6. المحاكمة والإعدام: وقائع المحاكمة التي شغلت الرأي العام، والأحكام الصادرة، ثم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في ريا وسكينة ورجالهما، وهي مشاهد تركت أثراً عميقاً في الذاكرة الشعبية.

هذه الأحداث، بسردها التفصيلي والواقعي، تجذب القارئ وتثير مشاعره المتناقضة بين الرعب والاشمئزاز والشفقة أحياناً على بعض الشخصيات (بمن فيهم الضحايا وظروفهم)، والفضول لمعرفة تفاصيل هذه القضية التي أصبحت جزءاً من التراث الشعبي المصري.

الرسائل والموضوعات الأساسية: ما وراء الجريمة

يناقش كتاب رجال ريا وسكينة العديد من القضايا الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية العميقة، منها:

  1. الفقر والتهميش: يبرز كتاب رجال ريا وسكينة كيف يمكن للفقر المدقع والتهميش الاجتماعي أن يدفعا الأفراد إلى حافة اليأس والجريمة. ريا وسكينة والعديد من شركائهما كانوا من الفئات الأكثر فقراً وضعفاً في المجتمع.

  2. المرأة والجريمة: يتناول كتاب رجال ريا وسكينة ظاهرة نادرة وهي تورط النساء كقائدات ومنفذات لجرائم قتل متسلسلة. يحلل كيف تحدت ريا وسكينة الأدوار النمطية للمرأة، وإن كان ذلك في سياق إجرامي.

  3. فساد القيم والأخلاق: يعكس كتاب رجال ريا وسكينة حالة من تدهور القيم في بعض أوساط المجتمع، حيث أصبحت الحياة البشرية بلا قيمة أمام شهوة المال.

  4. دور الدولة والمؤسسات الأمنية: يكشف كتاب رجال ريا وسكينة عن نقاط ضعف في أداء المؤسسات الأمنية في تلك الفترة، وكيف استغلت العصابة هذه الثغرات لفترة طويلة.

  5. تأثير الاحتلال والاضطراب السياسي: يربط كتاب رجال ريا وسكينة بين حالة الفوضى العامة التي صاحبت الاحتلال البريطاني وثورة 1919 وبين تصاعد معدلات الجريمة.

  6. صناعة الأسطورة الشعبية: يناقش كتاب رجال ريا وسكينة كيف تحولت قصة ريا وسكينة إلى أسطورة شعبية، وكيف ساهمت الأعمال الدرامية في تشكيل صورة معينة لهما، قد تبتعد أحياناً عن الحقيقة التاريخية.

هذه القضايا لا تزال ذات صلة بواقعنا الحالي، فالفقر والتهميش وضعف المؤسسات ما زالت عوامل مساهمة في الجريمة في العديد من المجتمعات. الكتاب يدعونا للتفكير في هذه القضايا بعمق وتجاوز النظرة السطحية للأحداث.

كتاب رجال ريا وسكينة
كتاب رجال ريا وسكينة

الجوانب العاطفية والإنسانية: لمحات من البؤس والأمل

على الرغم من بشاعة الجرائم، ينجح صلاح عيسى في إثارة جوانب عاطفية وإنسانية متعددة:

  • الحزن والأسى: يشعر القارئ بالحزن على الضحايا، خاصة النساء اللاتي فقدن حياتهن ومدخراتهن بطرق وحشية. قصص بعض الضحايا تثير الشفقة على ظروفهن الاجتماعية الصعبة.

  • التوتر والترقب: يخلق كتاب رجال ريا وسكينة جواً من التوتر والترقب أثناء سرده لعمليات الاستدراج والقتل، وأثناء متابعة التحقيقات.

  • الاشمئزاز والغضب: لا يمكن للقارئ إلا أن يشعر بالاشمئزاز من قسوة الجرائم والغضب من الجناة.

  • لمحات إنسانية (معقدة): حتى في تصويره للجناة، يحاول الكاتب تقديم لمحات تفسر (دون أن تبرر) سلوكهم. يظهر بؤسهم وفقرهم المدقع، مما يجعل القارئ يتساءل عن الظروف التي تصنع المجرمين. هذا لا يعني التعاطف مع الجريمة، بل فهم تعقيدات الطبيعة البشرية وتأثير البيئة.

  • الأمل في العدالة: مع تقدم التحقيقات والقبض على الجناة، يشعر القارئ بنوع من الارتياح والأمل في تحقيق العدالة، وإن كانت متأخرة.

ينجح كتاب رجال ريا وسكينة في إيصال هذه المشاعر عبر الوصف الدقيق للأحداث، والتركيز على التفاصيل الإنسانية، واستخدام لغة مؤثرة تجعل القارئ يعيش الأحداث ويتفاعل معها عاطفياً.

السياق التاريخي والثقافي: الإسكندرية في مطلع القرن العشرين

يعكس كتاب رجال ريا وسكينة ببراعة حقبة زمنية وثقافة معينة:

  • الإسكندرية الكوزموبوليتانية والمهمشة: يقدم كتاب رجال ريا وسكينة صورة للإسكندرية كمدينة عالمية تعج بالجاليات الأجنبية والتجارة، ولكن في أحشائها توجد أحياء فقيرة ومهمشة يعيش فيها الآلاف في ظروف بائسة. هذه الازدواجية هي جزء من سياق الجرائم.

  • الاحتلال البريطاني: يظهر تأثير الاحتلال على الحياة اليومية، وعلى أداء المؤسسات المصرية، بما في ذلك الشرطة.

  • ثورة 1919 وتداعياتها: يشير كتاب رجال ريا وسكينة إلى أن حالة الاضطراب السياسي والاجتماعي التي أعقبت الثورة ربما ساهمت في خلق مناخ من الفوضى استغلته العصابات.

  • العادات والتقاليد الاجتماعية: يلمح كتاب رجال ريا وسكينة إلى بعض العادات والتقاليد السائدة في تلك الفترة، خاصة فيما يتعلق بوضع المرأة، والعلاقات الأسرية، ونظرة المجتمع للجريمة والدعارة.

  • الثقافة الشعبية: يستعرض كتاب رجال ريا وسكينة كيف تفاعل الشارع المصري مع القضية، وكيف أصبحت جزءاً من الحكايات والأغاني الشعبية، مما يعكس الثقافة الشفهية السائدة.

هذه الخلفية التاريخية والثقافية ليست مجرد ديكور للأحداث، بل هي جزء لا يتجزأ من فهم دوافع الشخصيات وسير الأحداث.

تقييم العمل الأدبي (أو البحثي): وثيقة لا غنى عنها

  • الجوانب الإيجابية:

    • المنهجية البحثية: الاعتماد على مصادر أولية دقيقة يمنح كتاب رجال ريا وسكينة قوة وثائقية كبيرة.

    • التحليل العميق: تجاوز السرد السطحي للجرائم إلى تحليل الأبعاد الاجتماعية والسياسية.

    • تفكيك الأسطورة: تقديم رؤية تاريخية موثقة تتحدى الصور النمطية الشائعة.

    • اللغة الجذابة: رغم كونه عملاً بحثياً، فإن أسلوب صلاح عيسى السردي يجعله ممتعاً للقراءة.

    • شمولية التناول: يغطي كتاب رجال ريا وسكينة جوانب متعددة للقضية، من خلفيات الجناة والضحايا إلى سير التحقيقات والمحاكمة وتأثيرها المجتمعي.

  • الجوانب التي قد يعتبرها البعض سلبية (من وجهة نظر القارئ العادي):

    • الكثافة المعلوماتية: قد يجد بعض القراء الذين يبحثون عن إثارة روائية بحتة أن كتاب رجال ريا وسكينة كثيف بالتفاصيل والتحليلات التاريخية.

    • البعد عن الدراما الخالصة: كتاب رجال ريا وسكينة لا يهدف إلى الإثارة المجردة، بل إلى الفهم والتحليل، وهو ما قد لا يرضي محبي قصص الجريمة التقليدية.

يُعتبر كتاب رجال ريا وسكينة عملاً رائداً في مجاله، وقد أثر في طريقة تناول القضايا التاريخية ذات البعد الاجتماعي. هو ليس مجرد كتاب عن جريمة، بل وثيقة تاريخية واجتماعية مهمة لفهم حقبة من تاريخ مصر الحديث.

اقتباسات بارزة: أصوات من الماضي

  • “لم تكن ريا وسكينة مجرد ظاهرة إجرامية فردية، بل كانتا انعكاساً لشقاء مجتمع بأكمله، ترنح تحت وطأة الفقر والجهل والمرض.” (يعبر عن فكرة أن الجريمة نتاج مجتمعي).

  • “في أزقة الإسكندرية الخلفية، حيث يتلاشى القانون وتغيب الدولة، كان كل شيء مباحاً من أجل البقاء.” (يصف البيئة الحاضنة للجريمة).

  • “إن قصة ريا وسكينة ليست مجرد حكاية عن القتل والسرقة، بل هي درس في كيف يمكن للظروف القاسية أن تسحق الإنسانية وتلد الوحشية.” (رسالة إنسانية عن تأثير الظروف).

  • “رجال ريا وسكينة، سواء كانوا شركاء أم محققين، لم يكونوا بمعزل عن مجتمعهم، بل كانوا أبناءً لزمانهم، يحملون تناقضاته وآلامه.” (يشير إلى تعقيد الشخصيات ودور المجتمع).

التوسع في التفاصيل الثانوية: خيوط متشابكة

  • الضحايا: لم يكن الضحايا مجرد أرقام، بل نساء لهن قصصهن وظروفهن. كتاب رجال ريا وسكينة يسلط الضوء (ولو بشكل موجز) على بعضهن، مما يضفي بعداً إنسانياً إضافياً على المأساة. كنّ في الغالب نساء يعملن في بيع الحلي أو يملكن مدخرات بسيطة، مما جعلهن هدفاً سهلاً.

  • البيوت المسكونة بالرعب: أوصاف البيوت التي شهدت الجرائم (مثل بيت رقم 5 حارة ماكوريس، أو بيت النجاة) وأجواء الرعب التي أحاطت بها بعد اكتشاف الجثث، تضيف إلى الجو الدرامي لـ كتاب رجال ريا وسكينة.

  • الشهود والجيران: دور الشهود والجيران في التحقيقات، سواء بالصمت خوفاً أو بالإدلاء بمعلومات حاسمة، يعكس تفاعل المجتمع مع الجريمة.

  • الصحافة ودورها: يتتبع كتاب رجال ريا وسكينة كيف تناولت الصحافة المصرية القضية، وكيف ساهمت في تشكيل الرأي العام، وأحياناً في التأثير على سير التحقيقات.

هذه التفاصيل الجانبية ليست حشواً، بل تساهم في رسم صورة أكثر اكتمالاً للقضية وللمجتمع الذي وقعت فيه.

تأثير الكتاب على الأدب والقارئ: إعادة كتابة التاريخ الشعبي

  • تصحيح المفاهيم: ساهم كتاب رجال ريا وسكينة بشكل كبير في تصحيح العديد من المفاهيم الخاطئة والأساطير التي نسجت حول ريا وسكينة، والتي غذتها الأعمال الدرامية. قدم للقارئ والباحث رؤية أكثر واقعية وموضوعية.

  • نموذج للبحث التاريخي الاجتماعي: يعتبر كتاب رجال ريا وسكينة نموذجاً لكيفية تناول القضايا التاريخية ذات البعد الاجتماعي، وربط الأحداث الفردية بالسياق العام.

  • إثراء المكتبة العربية: أضاف كتاب رجال ريا وسكينة للمكتبة العربية عملاً بحثياً قيماً في مجال تاريخ الجريمة والدراسات الاجتماعية.

  • تأثيره على القارئ: يدفع كتاب رجال ريا وسكينة القارئ إلى التفكير النقدي، وعدم قبول الروايات السائدة كحقائق مطلقة. كما يجعله أكثر وعياً بتعقيدات الظاهرة الإجرامية وعلاقتها بالبنية الاجتماعية. يترك القارئ متسائلاً عن مدى مسؤولية المجتمع في صنع مجرميه.

تقييم شامل وعميق: لماذا يستحق هذا النص القراءة؟

إن كتاب رجال ريا وسكينة لصلاح عيسى يتجاوز كونه مجرد سرد لوقائع قضية شهيرة. إنه عمل موسوعي يقدم تشريحاً دقيقاً لمجتمع الإسكندرية في فترة حرجة، مستخدماً قضية ريا وسكينة كعدسة مكبرة لفحص التوترات الاجتماعية، والاختلالات الاقتصادية، والضعف السياسي الذي ميز تلك الحقبة. ينجح عيسى في أنسنة الشخصيات – حتى الجناة – ليس لتبرير أفعالهم، بل لفهم الدوافع المعقدة التي قادتهم إلى هذا المصير المأساوي، وهو ما يجعله عملاً إنسانياً بامتياز.

براعة كتاب رجال ريا وسكينة لا تكمن فقط في جمعه للوثائق وتحليلها، بل في قدرته على نسج هذه المعلومات في سرد متماسك وجذاب، يجعل القارئ يلهث وراء الحقيقة، متسائلاً ومفكراً، كما أن كتاب رجال ريا وسكينة ليس مجرد قراءة عن الماضي، بل هو دعوة للتأمل في حاضرنا، فالعوامل التي أنتجت ريا وسكينة – الفقر، التهميش، غياب العدالة الاجتماعية – لا تزال، بأشكال مختلفة، تلقي بظلالها على العديد من المجتمعات.

كما إنه نص يستحق القراءة ليس فقط لمحبي قصص الجريمة، بل لكل من يهتم بفهم أعمق للتاريخ والمجتمع والطبيعة البشرية المعقدة، وإنه شاهد على عصر، ومرثية للبؤس الإنساني، ودعوة دائمة للبحث عن جذور الشر، لا الاكتفاء بإدانة ثماره المرة.

شعار تطبيق روايات بدون إنترنت

روايات بدون إنترنت

اقرأ رواياتك المفضلة في أي وقت وأي مكان

هل أعجبتك هذه الرواية؟ يمكنك الآن الاستمتاع بقراءة هذه الرواية وآلاف الروايات الأخرى بدون إنترنت من خلال تطبيقنا المجاني!

قراءة بدون إنترنت
تحديثات مستمرة
إشعارات بالجديد

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق